أدى تسارع تطور التواصل والتفاعل بين الناس عبر قنوات الاتصال المتعددة القديمة منها والحديثة إلى جعله أكثر تأثيراً من ذي قبل، الأمر الذي غير سلوكيات الناس في التواصل الاجتماعي وطرق التعلم، وأصبح اليوم تحديا كبيرا للمسوقين فيما يختارونه ليكون قناة تسويقية وتواصل وبث فاعلة ومجدية لتحقيق أهداف منشآتهم.
ونرى أن التحديثات القليلة التي قامت بها محركات البحث للإنترنت التقليدية منها (مثل “جوجل”) قد غيرت الموازين للقوى، حيث وفرت للزوار قوة أكثر من السابق، وأصبح تحديد ترتيب الموضوع أو المحتوى لموقعك الإلكتروني مهما اختلف نوعه مرتبطا بتقييم الزوار وتفاعلهم مع المحتوى أو الموضوع نفسه الذي أحبوه وشاركوه أو غادروا الموقع مباشرة بسبب عدم الرضى عنه، ليكون الموقع في نتائج البحث مرتفعا في الصفحة الأولى، مثلا، أو متدنيا في الصفحة الثانية أو الثالثة، أو أدنى من ذلك. وتعتبر هذه العلاقة بين المحتوى والزائر أو الجمهور المستهدف (كما يسمى في عالم التسويق) هي من يحدد ترتيب النتائج للبحث حبا مفعما أو كرها شديدا[AA(1] ، فأيهما تختار؟
ومما أضاف على ذلك أيضا بروز جهود محركات البحث الاجتماعية، فمثلا أدركت عملاق الشبكات الاجتماعية “فيسبوك” ومن بعده “تويتر” ان البحث هو من أهم الأولويات للناس في رحلتهم الشرائية، ويأتي متفاوتا بالترتيب مع التوصيات الشخصية يسبقه تارة ويتراجع عنه تارة أخرى وفق اختلاف الصناعة التي نتحدث عنها. وإذا أردت اليوم شراء سيارة، مثلا، فأحد أهم خياراتك هو البحث في الإنترنت من خلال طرق عديدة أهمها الشبكات الاجتماعية، وذلك نتاج طبيعي بعدما أصبح حجم الثقة في الإعلان اقل من ٢٠٪ لدى مختلف انواع المستهلكين، حيث بات من المجدي جدا سؤال الآخرين عن آراءهم واستشارتهم في سياق اجتماعي ودي وغير رسمي عبر محركات البحث والشبكات الاجتماعية.
تغيير طريقة اظهار نتائج البحث من قبل محركات البحث أدى الى ارباك كبير جداً في جهود التسويق التقليدية والحديثة على الانترنت.
وأصبح البحث عن الترتيب الأفضل والبروز من بين المنافسين ضمن موضوع بحث معين هاجسا للمسوقين، الأمر الذي غير وسائل النشر عبر الإنترنت وبدل معالمها الى الأبد. وتأثرت بذلك سياسات واستراتيجيات نشر المحتوى وتسويقه على الانترنت بشكل كبير مما أضاف عبئا على متخصصي التسويق الرقمي للمحتوى.
وما يلائم واقع الانسان في عالم التسويق هو أن مبادئ التسويق الثابتة لم تتغير هنا، فما زال المسوق يبدأ خططه وطرق الاستهداف من فهم المستهلك وأنماط استهلاكه للمحتوى عبر مختلف القنوات المتاحة، ومن ثم كتابة معالم الحملة أو الجهود التسويقية وفقا لذلك، فهي فعليا لم تتغير ولكن تم التأكيد عليها باستخدام وسائل تفعيل حديثة، مثل الشبكات الاجتماعية والهاتف الجوال والإنترنت على اختلاف انواع المحتوى
فكما تعودنا ان تكون التقنية وسيلة لتسهيل الحياة، يتكرر الأمر نفسه هنا بصور مختلفة؛ فلو نظرت إلى “فيسبوك” وكيفية عرضه للمحتوى للشركات التي قمت بالإعجاب بها ومتابعتها على جدار الخط الزمني لديك، ستلاحظ أن الشركات التي تتفاعل معها أكثر هي التي تظهر باستمرار وكذلك أصدقاؤك، فمن تتفاعل معهم دائما في شبكة “فيسبوك” هم من يظهرون من بين المشاركات المختلفة التي نراها كل يوم وبين وقت وآخر. الأمر نفسه ينطبق بالنسبة لـ”تويتر” عندما تبحث عن شيء محدد، فإن أول النتائج هي التي تم إعادة التغريد لها أكثر أو تم تفضيلها أكثر من غيرها، وهكذا. ويسهل هذا الأمر على المستهلك العثور على ما يبحث عنه وعن الأكثر موثوقية أولا وقبل كل شيء. فالنزاع والتنافس الدائم بين محركات البحث والشبكات الاجتماعية قائم ودائم حول من يعرض أفضل النتائج وأكثرها مصداقية وموضوعية للباحثين عنها.
ويبحث المستهلك عن القيمة المضافة قبل كل شيء؛ فلو ألقيت نظره سريعة على مشاركات الشركات التي تتابعها في الشبكات الاجتماعية، مثل “فيسبوك” و”تويتر”، ستجد أنها، وللأسف، تسير عكس ذلك، إذ ستجد ٨٥ إلى ٩٥٪ منها تبث بثا جماعيا كإذاعة الراديو حول منتجاتها، وبرسائل مثل “نحن الأفضل”، و”تم إطلاق”، و”تخفيضات عبر الخدمة س”، وغير ذلك من الرسائل الجماعية. ومن أهم الأسباب لذلك هو أننا كمسوقون نبحث دائما عن الوصول الأسرع والأفضل والأكثر ربحية بغض النظر عن القيمة الفعلية التي نضيفها للمستهلك. وهذا يأخذنا الى نقطة البداية في التسويق، وهي أن هدفنا أن نقدم للمستهلك ما يريد بأسهل وأسرع الطرق، ولكن هل نقوم بذلك فعلا من خلال جهودنا التسويقية اليوم؟ موقعك الإلكتروني اليوم هو نقطة البداية لذلك.
- هل موقعك الالكتروني سريع بشكل كاف؟
- هل يدعم تقنيات الهواتف الجوالة وتنوع مقاسات شاشة العرض فيها؟
- هل هو سهل وواضح للزوار بأن يتصفحونه؟
- هل يجيب على تساؤلات المستهلكين؟
- هل هناك مواقع أخرى ذات ترتيب مرتفع تتحدث عن موقعك وتربط به؟
- هل تصميمه مريح ومناسب للفئة المستهدفة؟
تعد هذه الأسئلة مرجعا مهما لأساسيات تطوير المحتوى ليكون سهل العثور عليه من قبل الناس المهتمين في هذا النوع من المواضيع والأفكار. وهذا ما يعرف بـ Search Engine Optimization SEO كمفردة تقنية تستخدم في عالم التسويق على الإنترنت، وينطبق على جميع قنوات نشر المحتوى عبر الإنترنت، سواء كانت اجتماعية أم لا. والمبدأ فيها سهل جداً، ويعتمد على أساسيات التسويق في أن يكون المحتوى مناسبا عبر القناة المناسبة للجمهور المستهدف. وهذا من شأنه ابراز وعرض الموضوع والمحتوى في موقعك الالكتروني ضمن نتائج البحث الأعلى ترتيباً. ومن المهم أيضاً التركيز على إدراج واستخدام الأفكار والعبارات المتعلقة بالصناعة التي تعمل منشأتك ضمنها، فهذا يجعل المحتوى لديك أكثر فاعلية وذي قيمة أعلى لدى الناس، وهو ما يجعل موقعك أفضل ترتيبا وأسهل لإيجاده.
ومع كل هذا الاهتمام الذي توليه محركات البحث التقليدية ومحركات البحث في الشبكات الاجتماعية إلى جودة المحتوى، والتحدي الكبير في التفاعل مع القنوات التسويقية المتعددة والمتنوعة التقليدية منها والرقمية، يتبادر للذهن سؤال منطقي وهو .. ما الذي يجب أن نفعله لنتأكد من أن جهودنا التسويقية عبر الانترنت مجدية؟ إجابه هذا السؤال تكمن في إجابة الأسئلة أعلاه…
[AA(1]المقصود هنا هو ان حب الزوار لمحتوى موقعك او كرهه يحدد ترتيب نتائج البحث